
شعاعات صغيرة من النور تخترق ثقوب الباب الخشبي المتآكل تصارع ظلمة الحجرة الحالكة ، أريكة متآكلة، خزانة أدارج صغيرة، بساط بددت وحشة الحجرة وعثرات الزمن زهوة ألوانه، بعض الأواني الفخارية ، طلاء بالي شكلت الرطوبة به دهاليز وتجاعيد ، هدوء قاتم لا تبدد سيادته للحظات إلا صوت قطرات الماء المندلقة من ذاك الصنبور الخرب، لتصنع سيمفونية تراجيدية تحظى بشرف التراقص مع صمت المكان .
تلك الخطوات التي بدد صوتها قدسية الصمت الطاغي ما زالت تقترب أكثر فأكثر ،الآن ها قد توقف الصوت ......ساد الصمت من جديد ، تهوي يدها الغليظة على الباب تتواطأ معها القدم التائهة العمياء فتركله ،يهتز الباب مترجرجاً مترنحاً، هي تمد يدها التائهة تبحث ،تتلمس الحائط تمشي مع الأشياء للكشف عن ماهيتها ، لحظة فها قد اقتربت من الأدراج الصغيرة جلست بجانبها القرفصاء ،أسندت رأسها وكتفيها إلى الحائط، شهقت نفسا طويلاً ،أخرجت معه أنين حارق ، استغرقت فينات بل لحظات أخذت تحدق بمعالم الحجرة التي انحت ذاكرتها ما بجعبتها عنها إلى النسيان ، استدارت نحو الأدراج فتحت الدرج الأول فلم يكن فيه إلى بضع وريقات ، بعضها مسودات قديمة لكلمات بهت حبرها ولم تعد مقروءة وأخرى أوراق صماء تنتظر منذ عقود ترياق الحياة .... بضعة حروف لتدب الحياة بها ، فلم يكن في تلك الوريقات ما يشد انتباهها فسرعان ما أغلقت الدرج بقوة ، وفتحت الأخر ،هنا حدقت بريبة شديدة بصندوق حديدي صغير أتخذ منه الصدأ مرتعاً بل وطناً له ........ "أأفتحه وأكوي معه جراحي النازفة ؟؟ ولكنني اشتقت له!! أرجوك فلن أطيل النظر
أعذريني يا نفس فإن الشوق يدميني والى لقاء حبيب قلبي يهديني
أعذريني يا نفس فإنك لا تموتين مرتان فأنك ميتة متجردة من الإحساس فلا تشقيني
واجعليني أكحل عيني برؤيته لأخر مرة ،فلقد أجهز الحزن علي وما عاد شيء يضنيني
فأصمتي ودعيني وعن لقاءة أبداً لا تحيريني فلقد أطلق البؤس سراحي ولم يعد هنالك بجسدي أغماداً لسيوفه فالمكان أصبح مزدحم ".
وبحركة سريعة أخرجت الصندوق من مكانة حاولت فتحة فلم تستطع فلقد جلدة الصدأ من ذو زمن بعيد وبعد عناء ومحاولات عدة استطاعت أن تفتحه ، هنا التقطت منة صورة ثم قامت بإخراجها من إطارها المهشم واحتضنتها بعنفوانية وقوة،
تفقد أثر أحبال حنجرتها الصوتية بوطأه مشددة من صراخها المحموم وأنين مخنوق كتيم لا يستبيح لها عذرا لأطلاقة ، تحاول استنشاق الهواء فلا تقوى ، فالمكان رطب وحالك ويكاد يطبق على أنفاسها، وليد تلك اللحظه هو جيوش خوفها التي نشبت انيابهم بداخلها تخترق أجنحتهم جسدها الهزيل،يدوسوها ،يدنسوا أسوارها،
يعبثوا بأشيائها ويسرحوا بالحجرة يحومون هنا وهناك يبعثرون وريقاتها ،يدوسون أريكتها يحطمون أوانيها الفخارية و لا تسمع إلا صوت قهقهتهم فتصم أذانها فلا تقوى ويعاودوا اختراق جسدها يتقاذفون عريها ، يجردون القدسية من وقارها ..... ويضحكون ،وهي ضمئى تحتمي بطيفة تلك الكذبة الأزلية ، تناجية تفتح ذراعيها لتلقية فتبقى كذبة ، تطفىء دمعاتها المحمومة مهزلتهم العشوائية ، يأمرهم الملل بالمغادرة ، يغادرون المكان بعد أن أجهز عليهم الملل ،متلقية تهديدهم بالرجوع ،تلملم نفسها ،تستجمع قواها ،تجمع هشيم الزجاج المبعثر على بساطها ، تعيد لم شمله على إيطار الصورة .
وبجنون تعاود ضمها إليها ، تتنهد وبأنفاس متقطعة تناجي يا ذاك البعيد قلي اليوم أفتقدتني ....جل ما أجتازت بة صمتها الى سبيل الكلام .... يا ذاك البعيد قلي اليوم أفتقدتني .
ميس النوايسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق